تتسم العلاقات المصرية الروسية بالقوة والمتانة ، فهناك تواصل وحب شعبي بين الدولتين، وجمعت زعماء البلدين لقاءات عدة، ما ساعد في تقوية العلاقات بينهما، ودائما تلعب مصر دورا متوازنا تجاه القضايا محل الاهتمام، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا، خلال العام الحالي، 3 مليارات دولار، وجمعيها شواهد تؤكد عمق ومتانة العلاقات بين البلدين.
ويشار إلى أنه كان قد أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق، خلال القمة "الروسية - الأفريقية" أن العلاقات الثنائية بين موسكو والقاهرة تحمل طابعا استراتيجيا، لافتا إلى أن هناك العديد من المشاريع المشتركة الكبيرة بينهما.
زيارة مرتقبة لـ بوتين
أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف، أنه يجرى الإعداد لمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فعالية متعلقة بصب خرسانة المفاعل الرابع في محطة الضبعة النووية، التي تشيدها روسيا في مصر.
وقال بيسكوف، في إجابة على سؤال أحد الصحفيين، أمس الجمعة،: "نعم، يتم الإعداد بالفعل لذلك، وهذا الحفل مهم للغاية"، وفقا لقناة "آر تي عربية" الروسية.
وتابع المتحدث باسم الرئاسة الروسية: "يستمر تعاوننا مع الشركاء المصريين في مجموعة متنوعة من المجالات وهي شريك مهم للغاية، بما في ذلك في مجال هذه التكنولوجيا المتطورة، وهو أمر مهم للغاية لمزيد من التنمية في مصر".
كما أكد بيسكوف أن روسيا بلد رائد بلا منازع في الصناعة النووية على المستوى العالمي، وقال: "نقدم خدمات أفضل وأرخص وذات جودة أعلى، وهنا سيكون من الصعب للغاية على المشاركين الآخرين في هذا السوق منافستنا".
وكانت شركة "روسآتوم" الروسية الرائدة للصناعات النووية والطاقة الذرية وتنشط في بناء وخدمة المفاعلات النووية في 60 دولة، قد أعلنت عن افتتاح فرع لها في القاهرة، ويمثل هذا الافتتاح مرحلة هامة في توحيد البنية التحتية للمكاتب وللشركات التابعة للشركة.
وعن افتتاح المكتب، قال مراد أصلانوف المدير الإقليمي لمكتب "روسآتوم" في مصر: "أطلقت شركتنا مبادرة مشروع واسع النطاق لتوحيد البنية التحتية لمشاريعنا في الخارج، حيث تم دمج جميع مكاتبنا الخارجية في مصر".
ووقعت مصر وروسيا في 19 نوفمبر 2015 اتفاق تعاون لإنشاء محطة للطاقة الكهرذرية بكلفة استثمارية بلغت 25 مليار دولار قدمتها روسيا قرضا حكوميا ميسّرا للقاهرة.
كما وقع الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين في ديسمبر 2017 الاتفاقات النهائية لبناء محطة الضبعة خلال زيارة الرئيس الروسي للقاهرة.
وستضم محطة الضبعة أربعة مفاعلات من الجيل "3+" العاملة بالماء المضغوط بقدرة إجمالية 4800 ميجا وات بواقع 1200 ميجاوات لكل منها، ومن المقرر إطلاق المفاعل الأول عام 2028.
وتشيد شركة "روسآتوم" محطة "الضبعة" بأفضل التقنيات وأعلى معايير الأمان والسلامة عالميا، حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
يشار إلى أنه في ديسمبر 2023 أعلنت شركة روساتوم الحكومية للطاقة الذرية الروسية، عن افتتاح مكتب تمثيلي لها في مصر ، وقالت الشركة النووية الروسية إن افتتاح مكتب تمثيلي في مصر يعد علامة فارقة في سعينا لتعزيز العلاقات بين مصر وروساتوم.
وتتعاون روساتوم حاليًا مع مصر لبناء أول محطة للطاقة النووية في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، وهي محطة الضبعة.
ويتم بناء محطة الضبعة النووية في محافظة مطروح، على بعد حوالي 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة، على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
ويعد هذا أول مشروع كبير لشركة روساتوم الروسية في أفريقيا، حيث بحلول عام 2028، ستقوم الشركة الروسية ببناء 4 وحدات مجهزة بمفاعل VVER-1200، وستقوم بتسليم الوقود النووي، وتدريب الموظفين، وتقديم الدعم في التشغيل والخدمة خلال السنوات العشر الأولى من تشغيل كل وحدة.
وتتوقع مصر أن تصل أول محطة للطاقة النووية لديها إلى طاقتها الكاملة بحلول عام 2030.
وفي سياق التعاون المصري والروسي أيضاً يشار إلى أنه قد طرحت مصر منذ العام الماضي أطنانا من القمح الروسي في بورصة السلع المصرية، ضمن حصة سنوية متفق عليها بين القاهرة وموسكو المورّد الأكبر والأهم لمصر من القمح، يأتي ذلك توقيع الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر عقدا لشراء 300 ألف طن من القمح الروسي.
مكاسب ضخمة
وفقاً لدراسة قام بها الدكتور أحمد سلطان، دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة، نشرت بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية”، فإن روسيا تلعب دورًا حيويًا فقط في سوق الغاز العالمية، ولكن الحقيقة أنها تؤثر أيضًا في سوق الطاقة النووية، بل يمكننا القول إنها اللاعب الرئيس في تلك الصناعة الاستراتيجية ، حيث بلغ حجم الطلبات الخارجية لدى ذراع موسكو القوية “روس أتوم” الروسية بحوالي أكثر من 140 مليار دولار بين عامي 2010 و2021. وبصفة عامة نستطيع القول إن صناعة الطاقة النووية العالمية وأسواقها تقع في قبضة موسكو، و ينجم عن الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة مستويات انبعاثات دفيئة أقل بكثير مقارنة بتلك الناتجة عن مصادر الوقود الأحفوري (وبالأخص الفحم).
وأضافت الدراسة : على الصعيد المصري الداخلي، بعد أكثر من نصف قرن، شهد عام 2022 تطورًا غير مسبوق على مسار تنفيذ المشروع النووي السلمي المصري، دخلت خلاله مصر مصاف الدول التي تنشئ محطات طاقة نووية طبقًا لتصنيف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحقق حلم المصريين الذي طال انتظاره، وتهدف الدولة المصرية للتوسع في الاعتماد على الطاقة المتجددة، حيث تهدف استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035 إلى زيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، حيث من المقرر أن يصل إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة عام 2035، مقارنة بـ 20% عام 2022، وإدخال الطاقة النووية بنسبة حوالي 3%.